محمد صديق المنشاوي

9

عودو الى الله سريعا

عودو الى الله سريعا



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء 

والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. 

    أما بعد: 
أخي الكريم أختى الكريمة
قال تعالى 

(وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون)

[ النور :31 ] ارجع الى الله قبل فوات الآوان 

هيا من الليلة عد إلى الله يا عبد الله وتب إلى الله، فَكِّرْ وَحَاسِبْ نَفْسَك قبل ان يحاسبك الله وكن لها كالشريك الشحيح الذي يُحاسِبُ شَرِيكَهُ، ماذا ضَيَّعتْ وَمَاذَا قَصَّرْتْ وَمَاذَا فَرَّطْتْ؟ وقل لها: 
يا نفسُ قَدْ أَزِفَ الرحيلُ
وَأَظَلَّكِ الخطْبُ الجليلُ
فتأهبي يا نَفْسُ للرحيل 
لايَلْعَبْ بِكِِ الأملُ الطويلُ
فلتنزلن بمنزلٍ
ينسى الخليلَ به الخليلُ
وليركبنّ عَلَيْكِ فِيه 
مِنَ الثَّرَى حِمْلٌ ثَقِيلُ
ساوا الفناء بيننا جميع
فما يبقى العزيزٌ ولا الذليلٌ
فكِّر في لحظة تخرج فيها من هذه الدنيا بلا جاه ولا مَنصب ولاسلطان فكِّر في لحظة ستدخل فيها إلى قبرٍ ضيق مظلم يتركك فيه أهلكُ وَخِلاَّنَك وَأَحْبَابَكْ، ويتركوك مع عملك بين يدي أرحم الراحمين
فكر حينها عندما يناديك رب العالمين.. 
( عبدي لقد ذهبو وتركوك وفي التراب وضعوك ولو جلسو عندك ما نفعوك واليوم ليس لك الا انا وانا الحي الذي لا يموت )
فكِّر في لحظه سيُنادى عليك فيها على رؤوس الأشهاد ليكلمك الله جل وعلا بدون ترجمان فكِّرْ في لحظةٍ ترى فيها جهنم والعياذ بالله، قد أُوتي بها لها سبعون ألف زمام مع كل زِمَامْ سبعون ألف ملك يجرونها وهي ترمي بشرر كا القصر
مثل لنفسك ايها المغرور .... يوم القيامة والسماء تمور
اذا كورت شمس النهار وادنيت....حتى على رؤوس العباد تسير
واذا النجوم تساقطت وتناثرت....وتبدلت بعد الضياء كدور
واذا الجبال تقلعت باصولها....فرأيتها مثل السحاب تسير
واذا العشار تعطلت وتخربت....خلت الديار فما بها معمور
واذا الوحوش لدى القيامة حشرت....وتقول للملائكة اين نسير
واذا الجليل طوى السماء بيمينه....طى السجل كتابه المنشور
واذا الصحائف نشرت وتطايرت.... وتهتكت للعالمين ستور
واذا الوليد بأمه متعلق....يخشى القصاص وقلبه مذعور
هذا بلا ذنب يخاف جناية....فكيف المصر على الذنوب دهور
واذا الجحيم سعرت نيرانها....ولها على اهل الذنوب زفير 
واذا الجنان تزخرفت وتطيبت ....لفتى على طول البلاء صبور. 
اذا
عجّل من الليلة با الرجوع والتوبة الى الله قبل فوات الآوان
أين أنت من التوحيد ؟ 
أين أنت من القرآن ؟
اين انت من الصلاة لآوقاتها ؟
أين انت من صلاة الفجر ؟
أين أنت من المساجد بيوت الله ؟ 
أين أنت من حقيقة الاتباع ؟ 
أين أنت من البذل لدين الله ؟ 
أين أنت من التحرك للدعوة الى الله ؟ 
أين أنت من الحلال ؟ أين أنت من الحرام ؟ 
أين أنت من السُّنَّة ؟ أين أنت من البِدْعَة ؟
أين أنت من الحق ؟ أين أنت من الباطل ؟
اين انت من الله رب العالمين ؟

قف الليلة وقفة صدق مع نفسك، قبل أن تقف بين يدي الله الذي كتب عليك في كتابٍ عنده، { فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي ولا يَنسَى } [طه:52 كل شيء..
سيُنادَى عليك لتُعطى هذه الصحيفة التي لا تُغادر بَلِيَّةً كَتَمْتَهَا وَلا مَخْبَئَةٍ أَسْرَرْتَهَا
فتقول ( يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبية الا احصاها ) 
فكم من معصية قد كنتَ نسيتَهَا ذَكَرَّكَ الله إِيَّاهَا ؟ وكم من مصيبة قد كنتَ أَخْفَيْتَهَا أظهرها الله لك وَأَبْدَاهَا ؟ 
فيا حسرةَ قَلْبِكَ وَقْتَهَا على ما فَرَّطْتَ في دنْيَاكَ مِنْ طَاعَةِ مَوْلاكْ

إن كنتَ من الموحِّدِين الصادقين قرَّبَك رَبُ العالمين وأعطاك كتابك باليمين، : المؤمن من ربه يوم القيامة حتى يضعَ ربُ العزةِ عليه كَنَفَه و السِتر، ،و الرحمة فيدنو ، ويقول لة لقد عملت كذا وكذا يوم كذا، فيقول المؤمن ربي أعرف ربي أعرف، فيقول الله جلَّ وعلا: ولكني سترتها عليك في الدنيا وأغفرها لك اليوم، ويعطيه صحيفة حسناته، يعطيه كتابه بيمينه ثم ينطلق في أرض المحشر والنور يُشرق من وجهه ومن أعضائه وكتابه بيمينه، يقول لِخِلاَّنِه وأصحابه من أهل التوحيد والإيمان: انظروا هذا كتابي شاركوني الفرحة، شاركوني السعادة... اقروا معي كتابي: هذا توحيدي، صلاتي، وهذه زكاتي، وهذا حجّي، وهذه دعوتي، وهذا بِِرّي وهذه صلتي، وهذه طاعتي، وهذا بُعدي عن ... واما من{ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ . إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ -أعاذنا الله من ذلك - أعطاه الله كتابه بشماله أو من وراء ظهره، واسوَدَّ وجهه وكساة الله سرابيل من القَطِران وانطلق في أرض المحشر يصرخ وينادي ويقول:
{ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ ).. يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ .أَغْ. 
أيا عبد كم يراك اللهُ عَاصِيَا
حريصاً على الدنيا وللموتِ ناسِيا
أنسيت لقاء الله واللحد والثرى
ويوماً عبوساً تشيب فيه النواصيا
لو أن المرء لم يلبس ثيابا من التُقَى
تجرّد عُرياناً ولو كان كاسيا 
وَلَوْ أن الدُّنْيَا تَدُومُ لأَِهْلِهَا
لكان رسول الله حيًّا وَباقيا 
ولَكِنَّهَا تَفْنَى وَيَفْنَى نَعِيمُهَا
وَتَبْقَى َالذُّنُوبُ والْمَعَاصِي كما هيَ


قال سليمان بن عبد الملك لأبي حازم: لماذا نحب الدنيا ونكره الموت؟
لأنكم عمَّرتُمْ دُنَيَاكُمْ وَخَرَّبْتُمْ أُخْرَاكُمْ، فأنت تكرهون أن تنتقلوا من العمران إلى الخراب. 
فقال سليمان: فما لنا عند الله يا أبا حازم؟
فقال أبو حازم: اعرض نفسك على كتاب الله.
فقال: أين أجد ذلك؟
فقال: تجد ذلك في قوله تعالى: { إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ . وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ } [الانفطار:13-14]
قال: فأين رحمة الله؟
قال: إن رحمة الله قريب من المحسنين.
قال: فكيف القدوم غدًا على الله؟
أما العبد المحسن فالكغائب يرجع إلى أهله، وأما العبد المسيء فكالأَبِقْ يرجع إلى مولاه.

تُبْ إلى الله.. 

هل أنت مسلم كما أراد الله؟ هل أنت مسلم كما رسم لك طريقك رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فأرجو ألا تُفهم التوبة بفهمها القاصر الضيّق، وإنما التوبة هي الدين كله، فالدين كله داخل في مسمى التوبة. 
ومن هذا المُنْطَلَقْ، فَلْنَقِفْ جميعًا مع أنفسنا الليلة وقفة صدق لنجدد التوبة الى الله تعالى
شارك:

أحكام طهارة المريض وصلاته

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد : فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من أحد الإخوة الناصحين ، والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (5431) وتاريخ 25 / 12 / 1414 هـ وقد جاء في رسالته ما شاهده من جهل بعض المرضى في المستشفيات من كيفية أداء الصلاة ، وكيفية الطهارة لها في بعض أحوالهم التي يكون فيها عجز ، ورغبته الفتوى مفصلة في أحكام طهارة المريض وصلاته .



وبعد دراسة اللجنة لما ذكر أجابت بما يلي :
أولا : طهارة المريض :
1 - يجب على المريض ما يجب على الصحيح من الطهارة بالماء من الحدثين الأصغر والأكبر ، فيتوضأ من الأصغر ويغتسل من الأكبر .
2 - ولا بد قبل الوضوء من الاستنجاء بالمـاء ، أو الاستجمار
(الجزء رقم : 24، الصفحة رقم: 406)
بالحجارة أو ما يقوم مقامها في حق من بال أو أتى الغائط .
ولا بد في الاستجمار من ثلاثة أحجار طاهرة ، ولا يجوز الاستجمار بـالروث والعظـام والطعـام وكـل ما لـه حرمـة ، والأفضـل أن يستجمر بالحجـارة ومـا أشـبهها ؛ كالمناديل واللَّبِن ونحو ذلك ، ثم يتبعها المـاء ؛ لأن الحجارة تزيل عين النجاسة ، والماء يطهر المحل ، فيكون أبلغ .
والإنسـان مخير بـين الاستنجاء بالمـاء أو الاستجمار بالحجارة وما أشبهها ، وإن أراد الاقتصار على أحدهما فالماء أفضل ؛ لأنه يطهر المحل ، ويزيل العين والأثر ، وهو أبلغ في التنظيف . وإن اقتصر على الحجر أجزأه ثلاثة أحجار إذا نقى بهن المحل ، فإن لم تكف زاد رابعا وخامسا حتى ينقي المحل ، والأفضل أن يقطع على وتر .
ولا يجـوز الاستجمار باليـد اليمنى ، وإن كـان أقطـع اليسرى أو بها كسـر أو مـرض ونحوهمـا استجمر بيمينه للحاجة ، ولا حرج في ذلك .
3 - إذا لم يستطع المريض الوضوء بالمـاء لعجزه أو لخوفه زيادة المرض أو تأخر برئه فإنه يتيمم .
والتيمم هو : أن يضرب بيديه على التراب الطاهر ضربة
(الجزء رقم : 24، الصفحة رقم: 407)
واحدة ، فيمسح وجهه بباطن أصابعه وكفيه براحتيه .
ويجوز أن يتيمم على كل شيء طاهر له غبار ، ولو كـان على غير الأرض ، كأن يتطاير الغبار مثلا على جدار أو نحوه فيجوز أن يتيمم عليه ، وإن بقى على طهارته من التيمم الأول صلى به كالوضوء ، ولو عدة صلوات ، ولا يلزمه تجديد تيممه ؛ لأنه بدل الماء ، والبدل له حكم المبدل .
ويبطل التيمم بكـل ما يبطل الوضوء ، وبالقدرة على استعمال الماء أو وجوده إن كان معدوما .
4 - إذا كان المرض يسيرا لا يخاف من استعمال الماء معه تلفا ولا مرضا مخوفا ولا إبطاء برء ولا زيادة ألـم ولا شيئا فاحشا ، وذلك كصداع ووجع ضرس ونحوها ، أو ممن يمكنه استعمال الماء الدافئ ولا ضرر عليه - فهذا لا يجوز له التيمم ؛ لأن إباحته هنا لنفي الضرر ، ولا ضرر عليه ، ولأنه واجد للماء ، فوجب عليه استعماله .
5 - إذا شق على المريض أن يتوضأ أو يتيمم بنفسه وضأه أو يممه غيره وأجزأه ذلك .
6 - من به جروح أو قروح أو كسر أو مرض يضره منه استعمال الماء فأجنب - جاز له التيمم ، وإن أمكنه غسل الصحيح من
(الجزء رقم : 24، الصفحة رقم: 408)
جسده وجب عليه ذلك وتيمم للباقي .
7 - من به جرح في أحد أعضاء الطهارة فإنه يغسله بالماء ، فـإن شق عليه غسله أو كان يتضرر بـه مسحه بالمـاء حال غسل العضو الذي به الجرح حسب الترتيب ، فإن شق عليه مسـحه أو كان يتضرر به تيمم عنه وأجزأه .
8 - صاحب الجـبيرة : وهو من كـان في بعـض أعضـائه كسر مشدود وعليـه خرقة أو نحوهـا ، فإنه يمسـح عليها بالمـاء ، وتكفيه ، ولو لم يضعها على طهارة .
9 - يجب على المريض إذا أراد أن يصلي أن يجتهد في طهارة بدنه وثيابه ومكان صلاته من النجاسات ، فـإن لم يستطع صلى على حاله ولا حرج عليه .
10 - إذا كان المريض مصابا بسلس البول ، ولم يبرأ بمعالجته فعليه أن يستنجي ويتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها ، ويغسل ما يصيب بدنه وثوبـه ، أو يجعل للصلاة ثوبا طاهرا إن لم يشق عليه جعل الثوب الطاهر للصلاة ، وإلا عفي عنه ، ويحتاط لنفسه احتياطا يمنع انتشار البول في ثوبه أو جسمه أو مكان صلاته بوضع حافظ على رأس الذكر .
ثانيا : صلاة المريض :
(الجزء رقم : 24، الصفحة رقم: 409)
1 - يجب على المريض أن يصلي قائما قدر استطاعته .
2 - من لا يستطيع القيام صلى جالسا ، والأفضل أن يكون متربعا في كل القيام .
3 - فإن عجز عن الصلاة جالسا صلى على جنبه مستقبل القبلة بوجهه ، والمستحب أن يكون على جنبه الأيمن .
4 - فإن عجز عن الصلاة على جنبه صلى مستلقيا ورجلاه إلى القبلة .
5 - ومن قدر على القيام وعجز عن الركـوع أو السـجود لم يسقط عنه القيام ، بل يصلي قائما فيومئ بالركوع ، ثم يجلس ويومئ بالسجود .
6 - وإن كان بعينه مرض فقال طبيب ثقة : إن صليت مستلقيا أمكن مداواتك وإلا فلا ، فله أن يصلي مستلقيا .
7 - من عجز عن الركوع والسجود أومأ بهما ، ويجعل السـجود أخفض من الركوع .
8 - ومن عجز عن السجود وحده ركع وأومأ بالسجود .
9 - ومن لم يمكنه أن يحني ظهره حنى رقبته ، وإن كـان ظهره متقوسا فصار كأنه راكـع فمتى أراد الركـوع زاد في انحنائه قليلا ، ويقرب وجهه إلى الأرض في السجود أكثر مـا أمكنه
(الجزء رقم : 24، الصفحة رقم: 410)
ذلك .
10 - فإن كان لا يستطيع الإيماء برأسه فيكبر ويقرأ وينوي بقلبه القيام والركوع والرفع منه والسجود والرفع منه والجلسة بين السجدتين والجلوس للتشهد ، ويأتي بالأذكـار الواردة ، أما ما يفعله بعض المرضى من الإشارة بالإصبع فلا أصل له .
11 - ومتى قدر المريض في أثناء صلاته على ما كـان عاجزا عنه من قيام أو قعود أو ركـوع أو سجود أو إيماء انتقل إليه وبنى على ما مضى من صلاته .
12 - وإذا نام المريض أو غيره عن صلاة أو نسيها وجب عليه أن يصليها حال استيقاظه من النوم أو حال ذكره لها ، ولا يجوز له تركها إلى دخول وقت مثلها ليصليها فيه .
13 - لا يجوز ترك الصلاة بأي حال من الأحوال ، بل يجـب على المكلف أن يحرص على الصلاة في جميع أحواله ، وفي صحته ومرضـه ؛ لأنهـا عمود الإسـلام وأعظـم الفـرائض بعـد الشهادتين ، فلا يجوز لمسلم ترك الصلاة المفروضة حتى يفوت وقتها ، ولو كان مريضا ، ما دام عقله ثابتا ، بل عليه أن يؤديها في وقتها حسب استطاعته على ما ذكر من تفصيل ، وأما ما يفعله بعض المرضى من تأخير الصلاة حتى يشفى
(الجزء رقم : 24، الصفحة رقم: 411)
من مرضه فهو أمر لا يجوز ، ولا أصل له في الشرع المطهر .
14 - وإن شق على المريض فعل كل صلاة في وقتها فله الجمع بين الظهر والعصر ، وبـين المغرب والعشاء جمع تقديم أو جمع تأخير ، حسبما تيسر له ، إن شاء قدم العصر مع الظهر ، وإن شاء أخر الظهر مع العصر ، وإن شاء قدم العشـاء مع المغرب ، وإن شاء أخر المغرب مع العشاء .
أما الفجر فلا تجمع لما قبلها ولا لما بعدها ؛ لأن وقتها منفصل عما قبلها وعما بعدها .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
شارك:

أحكام المسح على الخفين ... إنفوجرافيك متحرك من إنتاج مجموعة زاد

أحكام المسح على الخفين  إنفوجرافيك متحرك

 من إنتاج مجموعة زاد


مشاهدة طيبة


شارك:

فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في زيارة القبور

فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في زيارة القبور

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم 
أما بعد"
كان إذا زار قبور أصحابه يزورُها للدعاء لهم، والترحُّم عليهم، والاستغفارِ لهم، وهذه هي الزيارةُ التي سنها لأمته، وشرعَها لهم، وأمرهم أن يقُولوا إذا زارُوها: ((السَّلامُ عَليكُم أَهْلَ الدِّيار مِنَ المُؤمِنِينَ والمُسْلِمِينَ، وإنَّا إن شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاَحِقُون، نَسْألُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُم العَافِيَةَ)).
وكان هديُه أن يقولَ ويفعلَ عند زيارتها، مِن جنس ما يقولُه عند الصلاة على الميت، من الدِعاءِ والترحُّمِ، والاستغفار. فَأبَى المشركون إلا دعاءَ الميت والإِشراك به، والإِقسامَ على اللّه به، وسؤاله الحوائج، والاستعانة به، والتوجُّهَ إليه، بعكس هديه صلى الله عليه وسلم، فإنه هدي توحيد وإحسان إلى الميت، وهديُ هؤلاء شرك وإساءة إلى نفوسهم، وإلى الميت، وهم ثلاثة أقسام: إما أن يدعوا الميت، أو يدعوا به، أو عنده، ويرون الدعاء عنده أوجبَ وأولى من الدعاء في المساجد، ومن تأمل هديَ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأصحابِه، تبيَّن له الفرقُ بين الأمرين وباللّه التوفيق.
فصل

وكان من هديه صلى الله عليه وسلم، تعزية أهلِ الميت، ولم يكن مِن هديه أن يجتر للعَزاء، ويُقرأ له القرآن، لا عندَ قبره ولا غيره، وكُل هذا بدعة حادثة مكروهة.
وكان من هديه: السكونُ والرضى بقضاء الله، والحمد للّه، والاسترجاع، ويبرأ ممن خرق لأجل المُصيبة ثيابَه، أو رفع صوتَه بالندب والنياحة، أو حلق لها شعره.
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أن أهل الميت لا يتكلَّفون الطعام للناس، بل أمر أن يصنع الناسُ لهم طعاماً يُرسلونه إليهم وهذا من أعظم مكارم الأخلاق والشِّيم، والحملِ عن أهل الميت، فإنهم في شغل بمصابهم عن إطعام الناس.
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم، تركُ نعي الميت، بل كان ينهى عنه، ويقول: هو مِن عمل الجاهلية، وقد كرِه حذيفةُ أن يُعلم به أهلُه الناسَ إذا مات وقال: أخاف أن يكون من النعي.
فصل
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم، في صلاة الخوف، أن أباحَ اللَّهُ سبحانَه وتعالى قصرَ أركانِ الصلاة وعددِها إذا اجتمع الخوفُ والسفرُ، وقصرَ العدد وحدَه إذا كان سفرٌ لا خوف معه، وقصرَ الأركان وحدَها إذا كان خوفٌ لا سفرَ معه وهذا كان من هديه صلى الله عليه وسلم، وبه تُعلم الحِكمة في تقييد القصر في الآية بالضرب في الأرض والخوف.
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف، إذا كان العدوّ بينهَ وبين القبلة، أن يَصُفَّ المسلمين كلَّهم خلفَه، ويكبِّرُ ويكبرون جميعاً، ثم يركع فيركعون جميعاً، ثم يرفعُ ويرفعون جميعاً معه، ثم ينحدِرُ بالسجود والصفُّ الذي يليه خاصة، ويقوم الصفُّ المؤخَّر مواجِهَ العدُوِّ، فإذا فرغ من الركعة الأولى، ونهَض إلى الثانية، سجدَ الصفُّ المؤخَّر بعد قيامه سجدتين، ثم قاموا، فتقدَّموا إلى مكان الصفِّ الأول، وتأخَّر الصفُّ الأولُ مكانَهم لتحصُلَ فضيلةُ الصفِّ الأولِ للطائفتين، ولِيُدرِكَ الصفُّ الثاني مع النبي صلى الله عليه وسلم السجدتين في الركعة الثانية، كما أدرك الأول معه السجدتين في الأولى، فتستوي الطائفتانِ فيما أدركوا معه، وفيما قَضَوْا لأنفسهم، وذلك غايةُ العدل، فإذا ركع، صنع الطائفتان كما صنعوا أوَّل مرة فإذا جلس للتشهد، سجد الصفُّ المؤخَّر سجدتين، ولحقوه في التشهد، فيسلِّم بهم جميعاً.
وإن كان العدُو في غير جهة القبلة، فإنَّه كان تارةً يجعلُهم فِرقتينِ: فِرقةً بإزاء العدوِّ، وفِرقةً تُصلي معه، فتُصلي معه إحدى الفرقتين ركعةً، ثم تنصرِف في صلاتها إلى مكان الفرقة الأخرى، وتجيءُ الأخرى إلى مكان هذه، فتُصلي معه الركعة الثانية، ثم تُسلم، وتقضي كلُّ طائفة ركعةً ركعةً بعد سلام الإِمام.
وتارة كان يُصلي بإحدى الطائفتين ركعة، ثم يقوم إلى الثانية، وتقضي هي ركعة وهو واقف، وتُسلم قبل ركوعه، وتأتي الطائفة الأخرى، فتصلي معه الركعة الثانية، فإذا جلس في التشهد، قامت، فقضت ركعةً وهو ينتظرها في التشهد، فإذا تشهدت، يُسلم بهم.
وتارة كان يُصلي بإحدى الطائفتين ركعتين، فتُسلم قبله، وتأتي الطائفة الأخرى، فيُصلي بهم الركعتين الأخيرتين، ويُسلم بهم، فتكون له أربعاً، ولهم ركعتين ركعتين.
وتارة كان يُصلي بإحدى الطائفتين ركعتين، ويسلم بهم، وتأتي الأخرى، فتصلي بهم ركعتين، ويُسلم فيكون قد صلى بهم بكلِّ طائفة صلاة.
وتارة كان يصلي بإحدى الطائفتين ركعةَ، فتذهب ولا تقضي شيئاً، وتجيء الأخرى، فيُصلي بهم ركعة، ولا تقضي شيئاً، فيكون له ركعتان، ولهم ركعة ركعة، وهذه الأوجه كُلُها تجوز الصلاة بها.
قال الإِمام أحمد: كلُّ حديث يُروى في أبواب صلاة الخوف، فالعمل به جائز.
وقال: ستةُ أوجه أو سبعة، تُروى فيها، كُلُّها جائزة، وقال الأثرم: قلتُ لأبي عبد اللّه: تقولُ بالأحاديث كلِّها، كلّ حديثٍ في موضعه، أو تختارُ واحداً منها؟ قال: أنا أقولُ: من ذهب إليها كلِّها، فحسن. وظاهر هذا، أنه جوَّز أن تُصليَ كلُّ طائفة معه ركعةً ركعةً، ولا تقضي شيئاً، وهذا مذهبُ ابن عباس، وجابر بن عبد اللّه، وطاووس، ومجاهد، والحسن، وقتادة، والحكم، وإسحاق بن راهويه. قال صاحب ((المغني)): وعمومُ كلام أحمد يقتضي جوازَ ذلك، وأصحابنا ينكرونه.
وقد روى عنه صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف صِفاتّ أُخَرُ، ترجع كلها إلى هذه وهذه أُصولُها، وربما اختلف بعض ألفاظِها، وقد ذكرها بعضُهم عشرَ صفات، وذكرها أبو محمد بن حزم نحو خمسَ عشرة صفة، والصحيح: ما ذكرناه أولاً، وهؤلاء كلما رأوا اختلاف الرواة في قصة، جعلوا ذلك وجوهاً من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من اختلاف الرواة. واللّه أعلم.
شارك:
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

تلاوات خاشعة لمختلف القراء

أرشيف المدونة الإلكترونية

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة