محمد صديق المنشاوي

9

قصة طفل مع يوم الإجازة

قضيت الدراسة ونجحت في المدرسة ، وعدت إلى البيت والفرحة تغمرني ، ماذا سأفعل ؟ تجاهلت هذا السؤال ! وابتدرت إلى غرفتي وتوجهت نحو الشاشة ﻷبدأ لعبتي التي أعطيت إياها لكي لا أزعج والداي ! ولا أدري هل أنا مزعج ؟  أم أنها طبيعة سني ؟ لعبت كثيرا حتى أنهكني الملل !!





سمعت صوت الهدوء في بيتنا فلم أعد أفرق بينه وبين الضجيج ! نام الجميع وبقيت مستيقظا ، أقفلت باب غرفتي وبت أكتب في مدونة طفولتي عما يجول في خاطري ، فتزاحمت أحرفي حتى أختلفت ! البداية قاسية والنهاية لاتحمل أي اعتبار ، هكذا أفكر ﻷني احترت في بداية قصتي ، ولعلي أنشد الفراغ عله يحتضن ترددي !
بدأت إجازتي وأحلامي الصغيرة تراودني ﻷحققها ، ماذا أفعل ؟ بخلدي تدور أسئلة أخجل ربما من طرحها ! فقد يكون بين ثناياها ضحكات وبعضها فتات من الألم ! لعلي أخبئها بين جنبي حتى تختنق ولا أجد لها جوابا !
بت أحتار كيف سأقضي أيامي ؟ هل سأجعل الألعاب الإلكترونية رفيقتي في هذه الأيام ؟ كل لحظة أغرق في متعة تلك الألعاب ولكنها تودع السم في ثناياها ! ألعب وأكرر مايحصل كل يوم في تلك الألعاب فأصبت بالبلادة ، وصارت أحاسيسي ملطخة ! وتنقضي إجازتي دون أن أتعلم شيئا !! أجد وحشة في نفسي فالذئاب الإلكترونية مزقت فكري وأجهدت بدني !
أمي ليس لديها شيء يرفع همتي أو يعلمني مهارة أستزيد بها ! فهي مشغولة إما بالمهام المنزلية أو بزيارة وربما ضيافة  الصديقات والأقارب ، وأنا مجرد روتين أقضيه معها ! أما أبي فقد فقد معنى الراحة ، فهو من عمل إلى عمل ومن مطالعة للأخبار إلى مراسلات بالجوال ، وكلما اقتربت منه إذا هو يبتعد ! وأنا لست سوى طفل أعطيت ماتمنوا لي ولم أعطى ما أردت !!
أمي أبي أنتم لي كالسماء أينما فررت فأنا سأبقى معكما مهما حصل فلم تتغافلونني ؟ كانت أيام الدراسة مؤنسي وكل في انشغالاته ، حتى إذا انقضت عدت لكما ﻷخبركما بما تعلمت وبما واجهت ومن هم رفاقي وكيف أبليت ؟ فلا أجد أحدا بجانبي سوى جفاف مشاعر وبضعا من الصرخات ! 
كل يوم أعيشه هو بمثابة رحلة طويلة قد أختصرها بملازمة الفراش لأصحو بعدها بمصاحبة الملل ، أفرح عندما تتجدد تلك الرحلة بخروجنا لنزهة حتى نهرب من جحيم الفراغ ، ولكني أفاجأ أني لم أتعلم شيئا سوى العوم في أمور لا تتم لعمري بأي صلة تذكر !!
اجتهدت في ملئ الفراغ بالدخول للمواقع الإجتماعية علها تزيل عني الكثير مما افتقدته ، ولكني أصبت بالذهول فقد وجدت عالما آخر وأناسا عجاب !! صورا تخدش الحياء وأطفال في مثل سني ينتحلون شخصيات مزيفة ، حاولت مجاراتهم ولكني أعترف أني لن أستطيع لبس تلك الأقنعة فقيمي أغلى من مجرد تفاهات !!
هذه بعضا من آهاتي !! وهناك أشياء تتجمد أحرفي من ذكرها ! فأقفلت مدونتي وذهبت أتأمل المنزل في كل جزء منه أحمل حكاية ، وفي زاوية من زواياه هناك وجدت نورا ، اقتربت منه فإذا هو القرآن ! حملته ونفضت غبار الأيام عنه واحتضنته وعيني تدمع ! لا غرابة في ذلك ! فأيام الدراسة قد ابتعدت ومن هناك ابتعدت عنه ! ليس ذنبي ، ﻷني لم أجد أحدا يشد على يدي ويجعلني مصاحبا للقرآن ، فأنا طفل اللهو منهجي واللعب متعتي !! حملته إلى غرفتي ووضعته بجانب فراشي علني أراجعه قبل نومي وقد لا أفعل !
جلست على فراشي أتأمل أنحاء غرفتي ﻷجدها قد ملئت بالألعاب ومكتبتي فارغة ! ومازلت أحار كيف أغتنم إجازتي والأيام تتكالب علي و السآمة تسير نحوي ببطئ !!
ماذا أريد ؟ أريد أن أستفيد ، أريد كتابا يؤنسني ، وأما تعلمني وأبا يرشدني ، وجلسة عائلية نتناقش فيها ، أريد العلم وهل طلبت الكثير ؟ فأعدائي هم الفراغ والتلفاز والمواقع الإلكترونية والهجران يزحفون باتجاهي ! من يأويني وأقرب الناس إلي في شغل لاهون !!
وضعت رأسي على وسادتي وأدمعي الطاهرة تتساقط لتسقي أملي ألما حتى نمت من همهمتي !!
شارك:
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

تلاوات خاشعة لمختلف القراء

أرشيف المدونة الإلكترونية

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة